سوق المواسير..الحصاحيصا تطلب القرب من الفاشر

التقي عبد القادر الفكي
أم حزيرات
والله شوف يا تقي الدين بعداك إنت وحنكك يا رطبت يا خشيت السجن . هكذا كان رد بدر الدين عندما سألته عن عواقب المشروع الذي طرحه علي والذي لم أكن أحلم به كما يزعم وهو يحلف بأغلظ الإيمان "بأنو حايركبني ماسورة" عفوا عربية في أقل من أسبوع دون أن أدفع مليما واحدا في هذا الشهر على الأقل لم أكن لحظتها أعرف الكثير عن السوق من بيع بالكسر وغيره . المهم في الأمر أنني بدأت أفكر جادا فيما طرحه علي من مشروع ورأيت فيما يرى المستيقظ أنني أمتطي سيارتي الفارهة وأجوب بها شوارع الحصاحيصا وود مدني وأنا في قمة الزهو . لقد أخذتني نشوة الخيال والاستمتاع بالأحلام فأخذت أبني قصوري في الهواء وأشذب حدائق الفيلا الأنيقة ذات الطابع الإيطالي والمطلة على كبري رفاعة، أوقف سيارتي بالقرب من مكتبة علي الصديق أشتري صحف الصباح ثم أدلف بعدها الى مركز التسوق الشهير والذي أملكه في وسط السوق ثم أتجه بعدها إلى مدينة ود مدني لأشرف على إكمال اللمسات الأخيرة للفندق الكبير المطل على شارع النيل. قطع علي بدر الدين حبل أفكاري قائلاً وبألفاظ سوقية "أها شنو يا مان نباركها"، لم أستطع أن أرد عليه، فقد تركني في حيرة من أمري، لذلك خرج من متجري المتواضع والذي يتوسط سوق "العزبات" كما يطلق عليه وتركني مع خيالاتي وأوهامه التي حشا بها ذهني وتفكيري . غابت شمس ذلك اليوم على كل حال ويممت وجهي صوب منزلنا، كم مضى من الوقت لا أعلم تحسست جيبي لأنظر للساعة في الموبايل ولكن حال جوالي كحال القصور التي بنيتها في الهواء فقد وجدته مغلقاً رغم أنني إشتريته في نفس اليوم وبحالة جيدة وعلى ثقة صاحب المحل والذي أقسم بدينه وإيمانه بأن هذا الموبايل "شركة" لكن يبدو أنني "ركبت ماسورة جامدة أوي" الشيء الذي أريد أن أوضحه هنا أن معظم مستخدمي كلمة ماسورة لا يعرفون معناها ولا من أين جاءت هذه اللفظة ولكن إنتشرت بصورة مزعجة حتى بين الفتيات وأنا موقن تماماً أن أعلب الناس لو عرفوا مصدر هذه الكلمة لما نطقوها مرة أخرى . والملفت للنظر أنها انتشرت حتى في الأوساط الاجتماعية الراقية ووسط الطبقات المثقفة . والملاحظ أنهم يستخدمونها كمصطلح لمعاملات بعينها ومثل هذه المعاملات ما هي إلا إفرازات للواقع الإقتصادي المتردي من ارتفاع مستوى المعيشة وانعدام السيولة هذا بالإضافة للجهل بفقه المعاملات الإقتصادية فينغمس الشباب في المعاملات الربوية بقصد ودون قصد . ولا تخلو مدينة من مدن السودان من سوق المواسير، لأن المواسير عبارة عن معاملات وليس سوقاً بعينه، ففي أي مكان على وجه الأرض وجدت هذه المعاملات فهي عبارة عن سوق للمواسير ويبدو أن للعطالة دوراً كبيراً في مثل هذه الأسواق، فقد عملت في عمارة المواسير الحصاحيصا قرابة العام.

لاحظت خلال هذا العام أن معظم المتعاملين بهذه المعاملات إما من المفصولين من القوات النظامية أو من خريجي الجامعات الذين لم تتح لهم الفرصة في سوق العمل وعمارة المواسير هذه رغم أنها في ظاهرها تتعامل في الموبابلات فقط إلا أن هنالك من يدخلون عبر هذه البوابة إلى معاملات مريبة يلحظها من له أدنى فراسة في السوق ، وهؤلاء ليس هدفهم جمع المال أو الثراء الفاحش وإنما هدفهم هو تأمين قوت يومهم في ظل غلاء عالمي وفقر مدقع، فما بين مطرقه العطالة وسندان الأسعار المجنونة يرقد حلمهم في عيش كريم .
[b][center][right][img][/img][img][/img][img][/img]

والله للاسف يااخي
هذا حالنا في السودان ناس بترمي اكل اطنان
وزول بالليل بينوم جيعان
معليش هو كده اقتصادنا نسأل الله تعالي ان يرفع عنا البلاء